على امتدادِ خمسةِ عقودٍ وشمعتين من تَـرَقُّبٍ


على امتدادِ خمسةِ عقودٍ وشمعتين من تَـرَقُّبٍ، وعينايَ شاهدَتانِ على تنامي شَـــتْــلاتِ قلبي هذي، حجارةً بروحِ آدميّينَ تناثروا أوراقاً في بازاراتِ الكبارِ. باستِدامةِ آمالٍ سَّرْمديَّة طَبَعَها عشقُ تلك البساطة على شَغافِ قلبٍ هو سُجّادةُ صَلاتيَ وأوراديَ لذلك المكان المقدَّس، لأنْ يبقى سليماً بنُسغه الساري في شراييني. تلك المرأة المتجهة نحو تقاطع شارع الوحدة، بمحاذاة فندق القامشلي، لا تجيد لغاتِ المجتمعاتِ المتحضرةِ، لكنّ قدميها تَستَمدّانِ من تلك الأرض ما يكفي من نشوة الحياة! وذاك القادمُ نحونا لا توحي هيئتُه بأنه من أثرياءِ العالمِ، لكنْ يكفيه أنه هناك! هناك حيث كنت أتــــنقَّل ما بين طَرَفَي هذا الشارعِ دون اكتراثٍ إلا لذاك التنقُّل فَحَسْبُ، أمّا ذَيّاك الواقفُ في الزاويةِ اليمنى من جِــهــتِــنا، حاملاً بطاقاتِ يا نصيب مَـعــرِضِ دمشقَ الدَّوْليِّ، فإنه يُسندُ ظَـهرَه المتعَـبَ إلى عمودٍ ظَللْتُ أبوحُ له بأحلامِ طفولتي ذاتَ أصيافٍ كنتُ أبيعُ هناكَ كازوز المعلم مهدي بن الصوفي بيشمرگە وشريكه المعلم غازي، ذاكَ بائعُ الــيانصيبِ المنتظرُ سيعود مساءً ببضع ليرات قد تكفي تأمين ربطتي خبز وعلبةَ دواءٍ لمريض لا أكثرَ. إنه أخو صديقٍ ألقتْ به الأقدار خارجَ ذلك القوس من الفردوس. على امتدادِ خمسةِ عقودٍ وشمعتينِ من انتظارِ أنْ أُسْنِدَ ظهريَ إلى ذلك العمودِ وأردَّ سلامَ العابرين الذين أعرفهم واحداً واحداً.
خالد جميل محمد

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، و‏أشخاص يمشون‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
تم عمل هذا الموقع بواسطة