هذا الشارعُ يَـعرفُني وأعرفُه

هذا الشارعُ يَـعرفُني وأعرفُه، يُـحِـــبُّني وأحــبُّـه، يتذكَّرُ تَنهِيداتيَ وأتذكَّر حَــنانَه، يُــجِــيدُ لغةَ طفولتي وأُجيدُ قراءةَ مَلامــحِه حرفاً حرفاً. تلك الأشجارُ بــيــني وبينَـها من الــهُيام ما يعادلُ عِشقَ البيئةِ غاباتِ الأمازونِ الشاسعةَ. حِجارةُ ذلك الرصيفِ رَقَّـــنــتْ خَطَواتيَ الوَئِــيدةَ وأنا أتَّــجِــهُ نحو مبنى بريدِ قامشلي لأسلِّمَ على أدراجِه عابراً سبــيـليَ نحوَ شارعِ الـــجِسرَينِ، حيثُ ذِكرياتُ طفولتي وشبابي مُعلَّقةٌ ما بين نهاية مسيرتي اليومية هناك، وبين هلاليةَ الــمُطِــلَّةِ على مدينةٍ لن تَشْغَلَ قلبيَ عنها كلُّ الفراديسِ الطارئةِ، مدينةٍ أَكْسَبَ هَواؤها رئــتيَّ نفحةً لا يشْبِـهُها أيُّ أريج. قرأتُ عن سِحرِ شارعِ كامينيتو في حي باريو دي لابوكا في بوينس آيرس بالأرجنتين، وعن روعةِ شارعِ لومبارد سان فرانسيسكو، وعن شُهرة شارع شانزليزيه بباريس، لكنّي متماهٍ بهذا الشارعِ البسيطِ في وَجْدٍ صوفيٍّ يؤكِّد أنَّ كلَّ جِنانِ العالـمِ لا تَــجذِبُـني بـمِـقدارِ بُــرعُمٍ واحدٍ من الخلودِ الماثلِ في هذا الشارعِ الذي يَـعرفُـني وأعرفُه، يُــحِــبُّني وأحبُّه، ويُجيدُ قراءةَ اشتياقي إليه.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏سماء‏، و‏شجرة‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏



تم عمل هذا الموقع بواسطة